الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

باب التقلل من الدنيا.هوان الدنيا على الله عز وجل

باب التقلل من الدنيا:

499- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا قيس بن الربيع، عن شمر بن عطية، عن المغيرة بن سعد بن الأخرم، عن أبيه، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم: «لا تتخذوا الضيعة؛ فترغبوا في الدنيا»، قال: وبالمدينة: ما بالمدينة، وبراذان ما براذان. قال ابن صاعد: وراذان مكان بالمدينة.
500- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا يونس بن يزيد، عن الزهري أن عبد الله بن السعدي كان يحدث، وهو رجل من بني عامر بن لؤي، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فبينما أنا نائم أوفيت على جبل، فبينما أنا عليه، طلعت لي ثلة من هذه الأمة، قد سدت الأفق، حتى إذا دنوا مني دفعت عليهم الشعاب بكل زهرة من الدنيا، فمروا ولم يلتفت إليها منهم راكب، فلما جاوزوها قلصت الشعاب بما فيها، فلبثت ما شاء الله أن ألبث، ثم طلعت ثلة علي مثلها، حتى إذا بلغوا مبلغ الثلة الأولى، دفعت عليهم الشعاب بكل زهرة من الدنيا»، قال: «فالآخذ والتارك، وهم على ظهر حتى إذا جاوزوها قلصت الشعاب بما فيها، فلبثت ما شاء الله، ثم طلعت الثلة الثالثة، حتى إذا بلغوا مبلغ الثلتين دفعت الشعاب بكل زهرة من الدنيا، فأناخ أول راكب، فلم يجاوزه راكب، فنزلوا يهتالون من الدنيا، فعهدي بالقوم وهم يهتالون وقد ذهبت الركاب».
501- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: بلغنا عن الحسن أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما مثلي ومثلكم ومثل الدنيا كمثل قوم سلكوا مفازة غبراء، لا يدرون ما قطعوا منها أكثر أم ما بقي منها، فحسر ظهرهم، ونفد زادهم، وسقطوا بين ظهراني المفازة، فأيقنوا بالهلكة، فبينا هم كذلك إذ خرج عليهم رجل في حلة، يقطر رأسه، فقالوا: إن هذا لحديث العهد بالريف، فانتهى إليهم، فقال: ما لكم يا هؤلاء؟ قالوا: ما ترى، حسر ظهرنا، ونفد زادنا، وسقطنا بين ظهراني المفازة، ولا ندري ما قطعنا منها أكثر أم ما بقي علينا؟ قال: ما تجعلون لي إن أوردتكم ماء رواء، ورياضا خضرا؟ قالوا: نجعل لك حكمك، قال: تجعلون لي عهودكم، ومواثيقكم أن لا تعصوني، قال: فجعلوا له عهودهم، ومواثيقهم أن لا يعصوه، فمال بهم، وأوردهم رياضا خضرا، وماء رواء، فمكث يسيرا، ثم قال: هلموا إلى رياض أعشب من رياضكم هذه، وماء أروى من مائكم هذا، فقال جل القوم: ما قدرنا على هذا حتى كدنا أن لا نقدر عليه، وقالت طائفة منهم: ألستم قد جعلتم لهذا الرجل عهودكم، ومواثيقكم أن لا تعصوه، وقد صدقكم في أول حديثه، فآخر حديثه مثل أوله، فراح وراحوا معه، فأوردهم رياضا خضرا، وماء رواء، وأتى الآخرين العدو من تحت ليلتهم، فأصبحوا من بين قتيل وأسير».


.باب هوان الدنيا على الله عز وجل:

502- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا مجالد بن سعيد، عن قيس بن أبي حازم، عن المستورد بن شداد- أحد بني فهر- قال: كنت في الركب الذين وقفوا مع رسول الله صلى الله عليه على السخلة الميتة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أترون هذه هانت على أهلها حتى ألقوها؟» قالوا: من هوانها ألقوها يا رسول الله، قال: «فالدنيا أهون على الله من هذه على أهلها».
503- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا إسماعيل بن عياش قال: حدثني عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حدثوا أن رسول الله صلى الله عليه قال: «لو أن الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة في الخير ما أعطى منها الكافر شيئا».
504- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا جرير بن حازم قال: سمعت الحسن يقول: أدركت أقواما كانت الدنيا تعرض لأحدهم حلالها فيدعها، فيقول: والله ما أدري على ما أنا من هذه إذا صارت في يدي.
505- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا محمد بن مطرف قال: حدثنا أبو حازم، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع، عن مالك الدار أن عمر بن الخطاب أخذ أربعمائة دينار فجعلها في صرة، ثم قال للغلام: اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح، ثم تله ساعة في البيت حتى تنظر ما يصنع، فذهب بها الغلام إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حوائجك، فقال: وصله الله ورحمه، ثم قال: تعالي يا جارية، اذهبي بهذه السبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، حتى أنفدها، فرجع الغلام إلى عمر بن الخطاب، فأخبره، ووجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل، فقال: اذهب بها إلى معاذ بن جبل، ثم تله في البيت ساعة؛ حتى تنظر إلى ما يصنع، فذهب بها إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذا في حاجتك، فقال: وصله ورحمه، تعالي يا جارية، اذهبي إلى فلان بكذا، وإلى بيت فلان بكذا، وإلى بيت فلان بكذا، فاطلعت امرأة معاذ، فقالت: ونحن والله مساكين، فأعطنا، فلم يبق في الخرقة إلا ديناران، فدحا بهما، فرجع الغلام إلى عمر فأخبره؛ فسر بذلك عمر، وقال: إنهم إخوة بعضهم من بعض.
506- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن موسى بن أبي عيسى قال: أتى عمر بن الخطاب، مشربة بني حارثة، فوجد محمد بن مسلمة، فقال عمر: كيف تراني يا محمد؟ فقال: أراك والله كما أحب، وكما يحب من يحب لك الخير، أراك قويا على جمع المال، عفيفا عنه، عادلا في قسمه، ولو ملت عدلناك، كما يعدل السهم في الثقاف، فقال عمر: هاه، فقال: لو ملت عدلناك، كما يعدل السهم في الثقاف، فقال عمر: الحمد لله الذي جعلني في قوم إذا ملت عدلوني.
507- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عمر بن سعيد، عن أبيه، عن عباية بن رفاعة بن رافع قال: بلغ عمر بن الخطاب أن سعدا اتخذ قصرا، وجعل عليه بابا، وقال: انقطع الصويت، فأرسل عمر محمد بن مسلمة، وكان عمر إذا أحب أن يؤتى بالأمر كما يريد بعثه، فقال له: ائت سعدا؛ فأحرق عليه بابه، فقدم الكوفة، فلما أتى الباب أخرج زنده، فاستورى نارا، ثم أحرق الباب، فأتي سعد، فأخبر، ووصف له صفته، فعرفه، فخرج إليه سعد، فقال محمد: إنه بلغ أمير المؤمنين أنك قلت: انقطع الصويت، فحلف سعد بالله ما قال ذلك، فقال محمد بن مسلمة: نفعل الذي أمرنا، ونؤدي عنك ما تقول، ثم ركب راحلته، فلما كان ببطن الرمة أصابه من الخمص والجوع ما الله به أعلم، فأبصر غنما فأرسل غلامه بعمامته، فقال: اذهب فابتع منها شاة، فجاء الغلام بشاة وهو يصلي، فأراد ذبحها، فأشار إليه أن يكف، فلما قضى صلاته، قال: اذهب، فإن كانت مملوكة مسلمة، فاردد الشاة، وخذ العمامة، وإن كانت حرة فاردد الشاة، فذهب، فإذا هي مملوكة فرد الشاة، وأخذ العمامة، وأخذ بخطام راحلته- أو زمامها- لا يمر ببقلة إلا خطفها، حتى آواه الليل إلى قوم، فأتوه بخبز ولبن، وقالوا: لو كان عندنا شيء أفضل من هذا أتيناك به، فقال: بسم الله كل حلال أذهب السغب خير من مأكل السوء، حتى قدم المدينة، فبدأ بأهله فابترد من الماء، ثم راح، فلما أبصره عمر، قال: لولا حسن الظن بك ما روينا أنك أديت، وذكر أنه أسرع السير، فقال: قد فعلت، وهو يعتذر، ويحلف بالله ما قال ذلك، قال: فقال عمر: هل أمر لك بشيء؟ فقال: قد رأيت مكانا، أتأمر لي؟- قال ابن عيينة: أن تأخذ لي منه- قال عمر: إن أرض العراق أرض رفيعة، وإن أهل المدينة يموتون حولي من الجوع، فخشيت أن آمر لك؛ فيكون لك البارد ولي الحار، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: «لا يشبع المؤمن دون جاره»، أو قال: «الرجل دون جاره». أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا محمد بن منصور الجواز- بمكة، قال: حدثنا ابن عيينة، عن عمر بن سعيد، عن أبيه، عن عباية بن رفاعة بن رافع، عن عمر بنحوه، وذكر فيه عن النبي صلى الله عليه نحو ما ذكره. أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان- يعني الثوري- عن أبيه، عن عباية بن رفاعة، عن عمر بنحوه، وذكر عن النبي صلى الله عليه كما ذكر. أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا زياد بن أيوب أبو هاشم قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثنا أبو حيان التيمي، عن عباية بن رفاعة بنحوه، ولم يرفعه. أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا عمرو بن علي قال: أخبرنا يحيى بن سعيد قال: أخبرنا أبو حيان التيمي قال: أخبرني عباية بن رفاعة بن رافع، عن عمر بنحوه، ولم يرفعه.
508- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا يونس بن يزيد، عن الزهري قال: أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنه قدم وافدا على معاوية في خلافته، فقال: فدخلت المقصورة، فسلمت على مجلس من أهل الشام، ثم جلست، فقال لي رجل منهم: من أنت يا فتى؟ قلت: أنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، قال: يرحم الله أباك، أخبرني فلان- لرجل سماه- أنه قال: والله لألحقن بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلأحدثن بهم عهدا، ولا أكلمنهم، قال: فقدمت المدينة في خلافة عثمان بن عفان؛ فلقيتهم إلا عبد الرحمن بن عوف، أخبرت أنه بأرض له بالجرف، فركبت إليه حتى جئته، فإذا هو واضع رداءه يحول الماء بمسحاة في يده، فلما رآني استحيى مني فألقى المسحاة، وأخذ رداءه، فسلمت عليه، وقلت له: جئتك لأمر، وقد رأيت أعجب منه، هل جاءكم إلا ما جاءنا؟ وهل علمتم إلا ما علمنا؟ فقال: عبد الرحمن: لم يأتنا إلا ما قد جاءكم، ولم نعلم إلا ما قد علمتم، قلت: فما زلنا نزهد في الدنيا وترغبون، ونخف في الجهاد وتتثاقلون، وأنتم سلفنا، وخيارنا، وأصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم، فقال عبد الرحمن: لم يأتنا إلا ما قد جاءكم، ولم نعلم إلا ما قد علمتم، ولكنا بلينا بالضراء فصبرنا، وبلينا بالسراء فلم نصبر.
509- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا معمر، عن الزهري قال: تصدق عبد الرحمن بن عوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر ماله أربعة آلاف، ثم تصدق بأربعين ألفا، ثم تصدق بأربعين ألفا، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله، ثم على ألف وخمس مائة راحلة في سبيل الله، وكان عامة ماله من التجارة.
510- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا شعبة بن الحجاج، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه أن عبد الرحمن بن عوف أتي بطعام وكان صائما، فقال: قتل مصعب بن عمير، وهو خير مني، وكفن في بردته، إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطت رجلاه بدا رأسه. وأراه قال: وقتل حمزة وهو خير مني، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط. أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا، وقد خشينا أن تكون حسناتنا قد عجلت لنا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام.
511- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: حدثنا مسعر قال: حدثني قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: عاد خبابا بقايا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أبشر أبا عبد الله، إخوانك تقدم عليهم غدا، فبكى، فقالوا له: عليها من الحال، فقال: أما إنه ليس به جزع، لكنكم ذكرتموني أقواما، وسميتموهم لي إخوانا، وإن أولئك قد مضوا بأجورهم كما هي، وإني أخاف أن يكون ثواب ما تذكرون من تلك الأعمال ما أصبنا بعدهم.
512- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا سفيان بن عيينة: قال الحسين، وأخبرناه سفيان أيضا، عن أمي المرادي قال: قال أبو العبيدين لعبد الله بن مسعود: يا أصحاب محمد، لا تختلفوا فتشقوا علينا، فقال: يرحمك الله أبا العبيدين، إنما أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الذين دفنوا معه في البرد.
513- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا إسماعيل بن عياش قال: حدثني محمد بن زياد، عن أبي عنبة الخولاني أنه كان في مجلس خولان في المسجد جالسا، فخرج عبد الله بن عبد الملك هاربا من الطاعون، فسأل عنه، فقالوا: خرج يتزحزح هاربا من الطاعون، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما كنت أرى أني أبقى حتى أسمع بمثل هذا، أفلا أخبركم عن خلال كان عليها إخوانكم: أولها لقاء الله كان أحب إليهم من الشهد، والثانية لم يكونوا يخافون عدوا قلوا أو كثروا، والثالثة لم يكونوا يخافون عوزا من الدنيا، كانوا واثقين بالله أن يرزقهم، والرابعة إن نزل بهم الطاعون لم يبرحوا حتى يقضي الله فيهم ما قضى.
514- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا عمر بن سعيد بن أبي حسين، حدثني ابن سابط، أو غيره أن أبا جهم بن حذيفة العدوي قال: انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمي، ومعي شنة من ماء، وإناء، فقلت: إن كان به رمق سقيته من الماء، ومسحت به وجهه، فإذا أنا به ينشغ فقلت له: أسقيك؟ فأشار أن نعم، فإذا رجل يقول: آه، فأشار ابن عمي أن انطلق به إليه، فإذا هو هشام بن العاص أخو عمرو بن العاص، فأتيته، فقلت: أسقيك؟ فسمع آخر يقول: آه، فأشار هشام أن انطلق به إليه، فجئته فإذا هو قد مات، ثم رجعت إلى هشام، فإذا هو قد مات، ثم أتيت ابن عمي، فإذا هو قد مات.
515- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا مالك بن أنس، عن عبد الله بن أبي بكر أن أبا طلحة كان يصلي في حائط له، فطار دبسي، فطفق يتردد يلتمس مخرجا، فلم يجده لالتفاف النخل، فأعجبه ذلك، فأتبعه بصره ساعة، ثم رجع، فإذا هو لا يدري كم صلى، فقال: لقد أصابني في مالي هذا فتنة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: يا رسول الله، هو صدقة، فضعه حيث أراك الله.
516- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا أيضا- يعني مالك بن أنس- قال: حدثنا عبد الله بن أبي بكر أن رجلا من الأنصار كان يصلي في حائط له بالقف في زمن الثمر، والنخل قد ذللت، وهي مطوقة بثمرها، فنظر إلى ذلك فأعجبه ما رأى من ثمرها، ثم رجع إلى صلاته وهو لا يدري كم صلى، فقال: لقد أصابني في مالي هذا فتنة، فأتى عثمان بن عفان فذكر له، فقال له: إنه صدقة، فاجعله في سبل الخير، فباعه عثمان رضي الله عنه بخمسين ألفا، فكان اسم ذلك المال الخمسين.
517- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا مسعر بن كدام قال: حدثنا عبيد الله بن القبطية، عن ابن أبي ربيعة القرشي أنه فاتته الركعتان قبل الفجر فأعتق رقبة. في نسخة عتيقة على حاشيتها قال ابن صاعد: والصواب عبد الله.
518- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا حيوة بن شريح قال: حدثنا الحسن بن ثوبان الهمداني أن محمد بن عبد الرحمن بن أبي مسلم الأزدي أخبره عن جده أبي مسلم أنه صلى مع عمر بن الخطاب- أو حدثه من صلى مع عمر بن الخطاب- المغرب، فمسى بها، أو شغله بعض الأمر حتى طلع نجمان، فلما فرغ من صلاته تلك أعتق رقبتين.
519- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا بعض أهل البصرة أن مطرف بن الشخير ماتت امرأته أو بعض أهله، فقال ناس من إخوانه: انطلقوا بنا إلى أخيكم مطرف؛ لا يخلو به الشيطان، فيدرك بعض حاجته منه، فأتوه، فخرج عليهم دهينا في هيئة حسنة، فقالوا: خشينا شيئا فنرجو أن يكون الله تعالى قد عصمك منه، وأخبروه بالذي قالوا، فقال مطرف: لو كانت لي الدنيا كما هي، ثم سئلتها بشربة أسقاها يوم القيامة لافتديت بها.
520- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا معمر، عن يحيى بن المختار، عن الحسن قال: والله ما تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الجنة، أبكاهم الخوف من النار.
521- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا ابن صبيح، عن الحسن قال: المؤمن من يعلم أن ما قال الله عز وجل كما قال، والمؤمن أحسن الناس عملا، وأشد الناس خوفا، لو أنفق جبلا من مال ما أمن دون أن يعاين، ولا يزداد صلاحا وبرا وعبادة إلا ازداد فرقا، يقول: لا أنجو لا أنجو والمنافق يقول: سواد الناس كثير، وسيغفر لي، ولا بأس علي، يسيء العمل، ويتمنى على الله تعالى.
522- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا عثمان بن الأسود، عن عطاء أن موسى صلى الله عليه وسلم قال: أي رب، أي عبادك أحكم؟ قال: الذي يحكم للناس كما يحكم لنفسه، قال: أي عبادك أغنى؟ قال: أرضاهم بما قسمت له، قال: فأي عبادك أخشى؟ قال: أعلمهم بي.
523- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، عن خالد بن عمير العدوي قال: خطبنا عتبة بن غزوان، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإن الدنيا قد آذنت بصرم، وولت حذاء، فإنه لم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يصطبها صاحبها، وأنتم تتنقلون منه إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم، فإنه قد ذكر لنا: أن الحجر يلقى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاما، لا يدرك لها قعرا، والله لتملأن، فعجبتم، وقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاما، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ الزحام، ولقد رأيتني وإني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما لنا طعام إلا ورق الشجر، حتى قرحت أشداقنا، والتقطت بردة، فاشتققتها بيني وبين سعد بن مالك، واتزرت بنصفها واتزر بنصفها، فما أصبح منا اليوم أحد حيا إلا أصبح أميرا على مصر من الأمصار، فإني أعوذ بالله أن أكون في نفسي عظيما، وعند الله صغيرا، وإنها لم تكن نبوة قط إلا تناسخت حتى تصير عاقبتها ملكا، وستبلون، أو ستجربون الأمراء بعدي.
524- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا المبارك بن فضالة، عن الحسن أنه كان إذا تلا هذه الآية: {فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور} قال: من قال ذا؟ قال: من خلقها وهو أعلم بها، قال: وقال الحسن: إياكم وما شغل من الدنيا، فإن الدنيا كثيرة الأشغال، لا يفتح رجل على نفسه باب شغل إلا أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب.
525- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: حدثنا وهيب أن ابن عمر باع حمارا، فقيل له: لو أمسكته، فقال: لقد كان لنا موافقا، ولكنه أذهب بشعبة من قلبي، فكرهت أن أشغل قلبي بشيء.
526- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا سفيان: قال لقمان: يا بني، إن الدنيا بحر عميق:، قد غرق فيها ناس كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وحشوها إيمانا بالله عز وجل، وشراعها التوكل على الله، لعلك ناج، ولا أراك ناجيا.
527- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا بكار بن عبد الله قال: سمعت وهب بن منبه يقول: مر رجل من العباد على رجل فوجده مهموما منكسا، فقال: ما شأنك، أراك منكسا؟ فقال: أعجبني أمر فلان، قد بلغ من العبادة ما قد علمت، ثم رجع إلى أهل الدنيا، فقال: لا تعجب ممن يرجع، ولكن اعجب ممن يستقيم.
528- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: وبلغنا عن الحسن أنه كان يقول: خباث، كل عيدانك مضضنا، فوجدنا عاقبته مرا.
529- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا سفيان، عمن سمع الحسن: ما بسطها لأحد إلا اغترارا، قال: وقال الحسن: ما عال مقتصد.
530- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: قال سفيان: كان يقال: خير الدنيا لكم ما لم تبتلوا به منها، وخير ما ابتليتم به منها ما خرج من أيديكم.
531- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك، عن أبي معن قال: حدثني سهيل بن حسان الكلبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الصفا الزلال الذي لا يثبت عليه أقدام العلماء: الطمع».
532- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان قال: قال أبو الدرداء: الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما أدى إليه، والعالم، والمتعلم في الخير شريكان، وسائر الناس همج لا خير فيهم.
533- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا الأعمش قال: أخبرنا شمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن عبادة بن الصامت قال: يؤتى بالدنيا يوم القيامة فيميز ما كان لله عز وجل، ثم يرمى بسائر ذلك في النار. أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا عباس بن يزيد قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش قال: حدثنا شمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن عبادة بن الصامت يرفعه قال: يؤتى بالدنيا يوم القيامة، ثم ذكر نحوه.
534- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا الربيع بن صبيح، وجعفر بن حيان، عن الحسن قال: قال أبي بن كعب: إن مطعم ابن آدم ضرب للدنيا مثلا، وإن قزحه وملحه.
535- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا حيوة بن شريح، عن عقيل بن خالد، عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان قال: لن ينجو مني الغني من إحدى ثلاث: إما أزينه في عينيه فيمنعه عن حقه، وإما أن أسهل له سبيله فينفقه في غير حقه، وإما أن أحببه إليه فيكسبه بغير حقه».
536- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد قال: قال ابن مسعود: إن الشيطان يريد الإنسان بكل ريدة، فيمتنع منه، فيجثم له عند المال، فيأخذه بعنقه.
537- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا عيسى بن سبرة المدني قال: حدثني من سمع أنس بن مالك يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يعطي الدنيا على نية الآخرة، وأبى أن يعطي الآخرة على نية الدنيا».
538- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم الغساني، عن المهاجر بن حبيب، عن أبي الدرداء قال: لئن حلفتم لي على رجل منكم أنه أزهدكم، لأحلفن لكم أنه خيركم.
539- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا سفيان قال: قال إبراهيم التيمي: كم بينكم وبين القوم؟ أقبلت عليهم الدنيا فهربوا منها، وأدبرت عنكم فاتبعتموها.
540- أخبركم أبو عمر بن حيويه، وأبو بكر الوراق قالا: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا ابن المبارك قال: أخبرنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سالم بن أبي الجعد قال: حدثني فلان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوتيت بمفاتيح الأرض، فوضعت في يدي، فذهب نبيكم بخير مذهب، وتركتم في الدنيا تأكلون من خبيصها، من أصفره، وأحمره، وأخضره، وأبيضه، وإنما هي شيء واحد، لوثتموه؛ التماس الشهوات».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق