الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

ما جاء في ذكر أويس والصنابحي.ما جاء في ذكر عامر بن عبد قيس، وصلة بن أشيم.في أخبار أبي ريحانة وغيره


باب ما جاء في ذكر أويس والصنابحي رضي الله عنهما:
 842- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا جعفر بن حيان قال: أخبرنا أبو نضرة العبدي، عن أسير بن جابر قال: كنا نجلس في مجلس من تلك المجالس، ويجلس معنا أويس، فنحسب جعفرا ذكر من صفته، فإذا حدث هو أصاب حديثه من قلوبنا ما لا يصيب من حديث غيره، قال: فسأل عنه عمر بن الخطاب وفدا قدموا عليه، هل سقط إليكم رجل من قرن من أمره؟ فقال رجل لأويس: ذكرك أمير المؤمنين، فلم تذكر لنا ذلك، فقال: ما كان في ذكره ما أتبلغ به إليكم، قال: فأخذ عليه عهدا وميثاقا أن لا يحدث به غيره.
843- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا عيسى بن عمر قال: حدثنا عمرو بن مرة قال: لما لقيه عمر رضي الله عنه وظهر عليه، هرب فما رئي حتى مات.
844- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا ابن عون قال: حدثني رجاء بن حيوة، عن محمود بن الربيع قال: كنا عند عبادة بن الصامت، فاشتكى، فأقبل الصنابحي فقال عبادة: من سره أن ينظر إلى رجل كأنما رقي به فوق سبع سموات، فعمل ما عمل على ما رأى، فلينظر إلى هذا، فلما انتهى الصنابحي إليه، قال عبادة: لئن سئلت عنك لأشهدن لك، ولئن شفعت لأشفعن لك، ولئن استطعت لأنفعنك. قال ابن صاعد: أسانيد حديث أويس كلها صحاح، رواه الثقات عن الثقات، وهذه الأحاديث منها، وأسير هذا يسميه أهل البصرة أسير بن جابر، ويسميه أهل الكوفة يسير بن عمرو، ويقال له صحبة.


.باب ما جاء في ذكر عامر بن عبد قيس، وصلة بن أشيم رضي الله عنهما.
845- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا السري بن يحيى، عن الحسن، قال عامر بن عبد قيس لقوم ذكروا الدنيا: وإنكم لتهتمون، أما والله لئن استطعت لأجعلنهما هما واحدا، قال: ففعل والله ذلك حتى لحق بالله.
846- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا جعفر بن حيان، عن طريف بن شهاب قال: ذكرت للحسن قول عامر بن عبد قيس: لأن تختلف الأسنة في أحب إلي من أن أجد ما تذكرون أي في الصلاة، فقال الحسن: ما اصطنع الله ذلك عندنا.
847- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا همام، عن قتادة قال: أنبئت أن عامر بن عبد قيس تخلف عن أصحابه، فقيل له: إن هذه الأجمة فيها الأسد، وإنا نخشى عليك، فقال: إني لأستحيي من ربي أن أخشى شيئا دونه.
848- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله قال: حدثنا همام، عن قتادة قال: كان عامر بن عبد قيس سأل ربه تعالى أن يهون عليه الطهور في الشتاء، فكان يؤتى بالماء وله بخار، قال: وسأل ربه عز وجل أن ينزع شهوة النساء من قلبه، فكان لا يبالي أذكرا لقي أم أنثى، وسأل ربه عز وجل أن يمنع قلبه من الشيطان، وهو في الصلاة فلم يقدر عليه.
849- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا معمر قال: حدثني محمد بن واسع، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير قال: أخبرني ابن أخي عامر بن عبد قيس، أن عامر بن عبد قيس كان يأخذ عطاءه فيجعله في طرف ثوبه، فلا يلقى أحدا من المساكين إلا أعطاه، فإذا دخل بيته رمى به إليهم، فيعدونها، فيجدونها سواء كما أعطيها.
850- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا مستلم بن سعيد الواسطي قال: أخبرنا حماد بن جعفر بن زيد- أراه قال: العبدي- أن أباه أخبره، قال: خرجنا في غزوة إلى كابل، وفي الجيش صلة بن أشيم، قال: فنزل الناس عند العتمة، فقلت: لأرمقن عمله؛ فأنظر ما يذكر الناس من عبادته، فصلى العتمة، ثم اضطجع، فالتمس غفلة الناس حتى إذا قلت: قد هدأت العيون وثب، فدخل غيضة قريبا منا، ودخلت في إثره، فتوضأ، ثم قام يصلي فافتتح الصلاة، قال: وجاء أسد حتى دنا منه فصعدت في شجرة، أفتراه عذبه حردا حتى سجد؟ فقلت: الآن يفترسه، فلا شيء، فجلس، ثم سلم، وقال: أيها السبع، اطلب الرزق من مكان آخر، فولى وإن له لزئيرا، أقول: تصدع الجبال منه، فما زال كذلك يصلي، حتى لما كان عند الصبح، جلس، فحمد الله بمحامد لم أسمع بمثلها إلا ما شاء الله، ثم قال: اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار، أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة؟ ثم رجع فأصبح كأنه بات على الحشايا، وأصبحت وبي من الفترة شيء، الله به أعلم، فلما دنا من أرض العدو، قال الأمير: لا يشذن أحد من العسكر، فذهبت بغلته بثقلها فأخذ يصلي، وقالوا له: إن الناس قد ذهبوا، فمضى، ثم قال لهم: دعوني أصل ركعتين، فقالوا له: إن الناس قد ذهبوا، قال: إنهما خفيفتان، فدعا، ثم قال: اللهم إني أقسم عليك أن ترد إلي بغلتي وثقلها، فجاء حتى قامت بين يديه، قال: فلما لقينا العدو، حمل هو وهشام بن عامر، فصنعنا بهم صنيعا ضربا، وقتلا، فكسرا ذلك العدو، وقالوا: رجلان من العرب صنعا بنا هذا، فكيف لو قاتلونا؟ فأعطوا المسلمين حاجتهم، فقيل لأبي هريرة: إن هشام بن عامر- وكان يجالسه- ألقى بيده إلى التهلكة، وأخبر خبره، فقال أبو هريرة: كلا، ولكنه التمس هذه الآية {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد}.
851- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يكون في أمتي رجل يقال له: صلة بن أشيم، يدخل الجنة بشفاعته كذا وكذا».
852- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا جرير بن حازم قال: حدثنا حميد بن هلال عن صلة بن أشيم العدوي قال: خرجت في بعض قرى نهر تيري، أسير على دابتي في زمان فيوض الماء، فأنا أسير على مسناة، فسرت يومي لا أجد شيئا آكله، واشتد علي، فلقيني علج يحمل على عنقه شيئا، فقلت: ضعه، فوضعه، فإذا هو جبن، فقلت: أطعمني منه، فقال: نعم، إن شئت، ولكن فيه شحم خنزير، فلما قال: ذلك تركته ومضيت، ثم لقيت آخر يحمل على عنقه طعاما، فقلت له: أطعمني، فقال هذا: تزودت هذا لكذا، وكذا من يوم، فإن أخذت منه شيئا أضررت بي وأجعتني، فتركته ثم مضيت، فوالله إني لأسير إذ سمعت خلفي وجبة كخواية الطير- يعني صوت طيرانه- فالتفت، فإذا شيء ملفوف في سب أبيض أي خمار، فنزلت فإذا دوخلة من رطب، في زمان ليس في الأرض رطبة، فأكلت منه، فلم آكل رطبا قط أطيب منه، وشربت من الماء ثم لففت ما بقي، وركبت الفرس، وحملت نواهن معي. قال جرير: فحدثني عوف بن دلهم قال: فرأيت ذلك السب مع امرأته ملفوفا فيه مصحفها، ثم فقد بعد، فلا يدرون أسرق، أم ذهب، أم ما صنع به؟.
853- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله قال: حدثنا عون بن عبد الله، عن محمد بن سيرين، عن معقل بن يسار قال: كان أول ما عرفت عامر بن عبد الله العنبري أني رأيته، فوصف لي قريبا من رحبة بني سليم، وهو على دابة، ورجل من أهل الذمة يظلم، فنهى عنه، فلما أبوا قال: كذبتم، والله لا تظلم ذمة الله اليوم وأنا شاهد، قال: فتخلصه، فلما كان بعد ذلك أتيته في منزله، وكان الناس يقولون: إن عامرا لا يأكل السمن، ولا يأكل اللحم، ولا يتزوج النساء، ولا تمس بشرته بشرة أحد، ويقول: إني مثل إبراهيم، فلما دخلت عليه أخرج يده من تحت برنس حتى أخذ بيدي، فقلت: هذه واحدة، فلما تحدثنا، قلت: إن الناس يقولون: إنك لا تأكل اللحم، ولا تأكل السمن، ولا تزوج النساء، وتقول: إني مثل إبراهيم؟ قال: أما قولهم: إني لا آكل اللحم، فإن هؤلاء قد صنعوا في الذبائح شيئا لا أدري ما هو؟ فإذا اشتهيت اللحم أمرنا بشاة، فاشتريت لنا، فذبحناها، وأكلنا من لحمها، وأما قولهم: إني لا آكل السمن، فإني لا آكل ما يجيء من ههنا، وآكل ما يجيء من ههنا، وأما قولهم: إني لا أتزوج النساء، فإنما هي نفس واحدة، لقد كادت أن تغلبني، وأما قولهم: إني مثل إبراهيم، فإني قلت: إني لأرجو أن يجعلني الله مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين.
854- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثني بلال بن سعد أن عامر بن عبد قيس، وشي به إلى زياد- وقال غيره: إلى ابن عامر- فقيل له: إن ههنا رجلا يقال له: ما إبراهيم خير منك، فيسكت، وقد ترك النساء، فكتب فيه إلى عثمان، فكتب إليه: أن أنفه إلى الشام على قتب، فلما جاءه الكتاب أرسل إلى عامر، فقال: أنت الذي قيل لك: ما إبراهيم خير منك، فتسكت، فقال: أما والله ما سكوتي إلا تعجبا، لوددت أني كنت غبارا على قدميه، فدخل بي الجنة قال: ولم تركت النساء؟ قال: والله ما تركتهن إلا أني قد علمت أنها متى تكون امرأة فعسى أن يكون ولد، ومتى يكون ولد تشعبت الدنيا قلبي، فأحببت التخلي من ذلك، فأجلاه على قتب إلى الشام، فلما قدم أنزله معاوية معه الخضراء، وبعث إليه بجارية، وأمرها أن تعلمه ما حاله؟ فكان يخرج من السحر، فلا تراه إلا بعد العتمة، فيبعث إليه معاوية بطعام، فلا يعرض لشيء منه، ويجيء معه بكسر، فيجعلها في ماء، فيأكل منها، ويشرب من ذلك الماء، ثم يقوم، فلا يزال ذلك مقامه حتى يسمع النداء فيخرج، فلا تراه إلى مثلها، فكتب معاوية إلى عثمان يذكر له حاله، فكتب إليه: أن اجعله أول داخل، وآخر خارج، ومر له بعشرة من الرقيق، وعشرة من الظهر، فلما أتى معاوية الكتاب أرسل إليه، فقال له: إن أمير المؤمنين كتب إلي: أن آمر لك بعشرة من الرقيق، فقال: إن علي شيطانا قد غلبني، فكيف أجمع علي عشرة؟ قال: وأمر لك بعشرة من الظهر، قال: إن لي لبغلة واحدة، وإني لمشفق أن يسألني الله عز وجل، عن فضل ظهرها يوم القيامة، قال: وأمرني أن أجعلك أول داخل، وآخر خارج، قال: لا أرب لي في ذلك، قال: فحدث بلال بن سعد عما رآه بأرض الروم على بغلته تلك، يركبها عقبة، ويحمل عليها المهاجرين عقبة، قال: وحدثنا بلال بن سعد أن عامرا كان إذا فصل غازيا وقف يتوسم الرفاق، فإن رأى رفقة توافقه قال: يا هؤلاء، إني أريد أن أصحبكم على أن تعطوني من أنفسكم ثلاث خلال، فيقولون: وما هي؟ قال: أكون لكم خادما لا ينازعني أحد منكم الخدمة، وأكون مؤذنا لا ينازعني أحد منكم الأذان، وأنفق عليكم بقدر طاقتي؟ فإذا قالوا له: نعم، انضم إليهم، وإن نازعه أحد منهم شيئا من ذلك، ارتحل منهم إلى غيرهم.
855- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا عيسى بن عمر، عن عمرو بن مرة قال: جاء الربيع بن خثيم إلى أم ولد له، فقال لها: اصنعي لنا طعاما، وأطيبي، فإن لي أخا أحبه، أريد أن أدعوه، فزينت بيتها، وصنعت مجلسه، وصنعت طعاما، وأطابته، ثم قالت: ادع أخاك، فذهب إلى سلال جار له قد ذهب بصره، فجاء يقوده حتى أجلسه في كريم مجلسه، ثم قال: قربي طعامك، قالت: فما صنعت هذا الطعام إلا لهذا؟ قال: ويحك، قد صدقتك، هذا أخي، وأنا أحبه، فجعل يأخذ من طيب ذلك الطعام ويناوله.
856- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا عيسى بن عمر قال: حدثني حوط بن رافع أن عمرو بن عتبة كان يشترط على أصحابه أن يكون خادمهم، قال: فخرج في الرعي في يوم حار، فأتاه بعض أصحابه، فإذا هو بالغمامة تظله، وهو نائم، فقال: أبشر يا عمرو، فأخذ عليه عمرو أن لا يخبر به أحدا.
857- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا سفيان قال: كان الربيع بن خثيم إذا تلا هذه الآية: {ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها}، قال: بل طوعا يا رباه.
858- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا عيسى بن عمر قال: حدثني عمرو بن مرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له فسمع صوتا، فأمر أصحابه، فوقفوا، وسار حتى أشرف على رجل في واد، فإذا هو قد نزع ثيابه، وهو يترمض في الرمضاء، فإذا هو يقول: أنوم بالليل، وباطل بالنهار، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقف لا يأتيه، ثم لبس ثيابه، فأتاه فسلم عليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أما رأيتني؟» قال: بلى، ولكنه كان في نفسي شيء، فلم أرد أن أقوم حتى أقضي ما في نفسي- أو كما شاء الله أن يقول- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيت السموات السبع يفتحن لما تصنع، وإن ذا العرش سبحانه وتعالى ليباهي به الملائكة»، ثم مضى إلى أصحابه، فقال: «أيكم يعرف هذا؟» فما عرفه أحد من القوم إلا رجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تزودوا منه، فإنه لن يلبث فيكم إلا قليلا»، فقالوا: ادع لنا، فقال: «اللهم اجعل زادهم التقوى»، قالوا: زدنا، قال: «وأصلح ذات بينهم».
859- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا عبد الرحمن المسعودي قال: أخبرنا عون بن عبد الله، عن أم الدرداء أنه قيل لها: ما كان أكثر عمل أبي الدرداء؟ قالت: التفكر، قالت: نظر يوما إلى ثورين يخدان في الأرض مستقلين بعملهما إذ عنت أحدهما، فقام الآخر، فقال أبو الدرداء: في هنا تفكر، استقلا بعملهما واجتمعا، فلما عنت أحدهما قام الآخر، كذلك المتعاونان على ذكر الله عز وجل أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: حدثنا محمد بن عجلان بنحوه.
860- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا سفيان الثوري، عن سليمان قال: مثل الذي يشكو إلى أخيه كمثل الذي يغسل إحدى يديه بالأخرى.
861- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم، إني أعوذ بك من صاحب غفلة، وقرين سوء، وزوج إذا».


.في أخبار أبي ريحانة وغيره:
862- أخبرنا الشيخ الجليل العالم الزاهد أبو علي الحسين بن محمد بن الحسين بن إبراهيم الدلفي المقدسي رضي الله عنه قال: قرأ الشيخ أبو محمد ظاهر النيسابوري، على الشيخ الثقة أبي محمد الحسن بن علي بن محمد بن الحسن الجوهري ببغداد بباب المراتب حرسها الله يوم الإثنين سادس جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وأربعمائة وأنا حاضر أسمع، وأقر به، قال له: أخبركم أبو عمر محمد بن العباس بن زكريا بن حيويه الخزاز، قراءة عليه في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة وأنت حاضر تسمع قال: حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قرأه علينا من لفظه عند منزله في شهر ذي القعدة من سنة تسع وثلاثمائة قال: حدثنا الحسين بن الحسن المروزي قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم الغساني قال: حدثني ضمرة بن حبيب بن صهيب، عن مولى لأبي ريحانة، عن أبي ريحانة- وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- أنه قفل من بعث غزا فيه، فلما انصرف أتى أهله، فتعشى من عشائه، ثم دعا بوضوء، فتوضأ منه، ثم قام إلى مسجده، فقرأ سورة، ثم أخرى، فلم يزل ذلك مكانه كلما فرغ من سورة افتتح الأخرى، حتى إذا أذن المؤذن من السحر شد عليه ثيابه، فأتته امرأته، فقالت: يا أبا ريحانة، قد غزوت فغبت في غزوتك، ثم قدمت إلي لم يكن لي منك حظ، ونصيب، فقال: بلى، والله ما خطرت لي على بال، ولو ذكرتك لكان لك علي حق، قالت: فما الذي يشغلك يا أبا ريحانة؟ قال: لم يزل يهوى قلبي فيما وصف الله في جنته من لباسها، وأزواجها، ونعيمها، ولذاتها حتى سمعت المؤذن.
863- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم الغساني، عن ضمرة- يعني ابن حبيب أن أبا ريحانة استأذن صاحب مسلحته من الساحل إلى أهله، فأذن له، فقال له الوالي: كم تريد أن أؤجلك؟ قال: ليلة، فأقبل أبو ريحانة وكان منزله في بيت المقدس، فبدأ بالمسجد قبل أن يأتي أهله، فافتتح سورة فقرأها، ثم أخرى، فلم يزل على ذلك حتى أدركه الصبح وهو في المسجد لم يرمه، ولم يأت أهله، فلما أصبح دعا بدابته، فركبها متوجها إلى مسلحته، فقيل: يا أبا ريحانة، إنما استأذنت لتأتي أهلك، فلو مضيت حتى تأتيهم ثم تنصرف إلى صاحبك، قال: إنما أجلني أميري ليلة، وقد مضت، لا أكذب، ولا أخلف، وانصرف إلى مسلحته، ولم يأت أهله.
864- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا أيضا- يعني أبا بكر بن أبي مريم قال: حدثني حبيب بن عبيد أن أبا ريحانة كان مرابطا بالجزيرة بميافارقين، فاشترى رسنا من نبطي من أهلها بأفلس، فقفل أبو ريحانة، ولم يذكر الفلوس أن يدفعها إلى صاحبها حتى انتهى إلى عقبة الرستن- قال أبو بكر: وهي من حمص على اثنى عشر ميلا- فذكرها، فقال لغلامه: هل دفعت إلى صاحب الرسن فلوسه؟ فقال: لا، فنزل عن دابته، واستخرج نفقة من نفقته، فدفعها إلى غلامه، وقال لأصحابه: أحسنوا معاونته على دوابي حتى يبلغ أهلي، قالوا: وما الذي تريد؟ قال: أنصرف إلى بيعي؛ حتى أدفع إليه فلوسه، فأؤدي أمانتي، فانصرف حتى أتى ميافارقين، فدفع الفلوس إلى صاحب الرسن، ثم انصرف إلى أهله.
865- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا أيضا- يعني أبا بكر- قال: حدثني حبيب بن عبيد أن أبا ريحانة مر بحمص فسمع لأهلها ضوضاء شديدة، فقال لأصحابه: ما هذه الضوضاء؟ فقالوا: أهل حمص يقتسمون بينهم مساكنهم، فرفع ضبعيه، فلم يزل يدعو: اللهم لا تجعلها لهم فتنة، إنك على كل شيء قدير، فلم يزل على ذلك حتى انقطع عنهم صوته، لا يدرون متى كف.
866- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرني المبارك بن فضالة قال: سمعت الحسن يقول: أخبرني أبو الأحوص قال: دخلنا على عبد الله بن مسعود، وعنده بنون له غلمان، كأنهم الدنانير حسنا، فجعلنا نتعجب من حسنهم، فقال عبد الله: كأنكم تغبطون بهم، قلنا: والله إن مثل هؤلاء يغبط بهم الرجل المسلم، فرفع رأسه إلى سقف بيت له قصير، قد عشعش فيه الخطاف وباض، فقال: والذي نفسي بيده، لأن أكون قد نفضت يدي عن تراب قبورهم أحب إلي من أن يخر عش هذا الخطاف فينكسر بيضه.
867- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا سفيان، عن سليمان، عن أبي وائل قال: لقيت أبا العلاء صلة، فقلت: يا أبا العلاء، هل بأهلك من هذا الوجع؟ يعني الطاعون، فقال: إنا لأن يخطئهم أخوف عندي من أن يصيبهم.
868- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب قال: حدثني عبد الرحمن بن غنم، عن حديث الحارث بن عميرة الحارثي قال: أخذ معاذ بن جبل بيد الحارث بن عميرة، فأرسله إلى أبي عبيدة بن الجراح؛ ليسأله كيف هو؟ وقد طعنا، فأراه أبو عبيدة طعنة خرجت في كفه، فتكابر شأنها في نفس الحارث، وفرق منها حين رآها، فأقسم له أبو عبيدة بن الجراح بالله ما يحب أن له مكانها حمر النعم.
869- أخبركم أبو عمر بن حيويه قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا ابن لهيعة قال: حدثني عبيد الله بن أبي جعفر أنه بلغه عن أبي ريحانة- صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف بك يا أبا ريحانة، لو قد مررت على قوم قد نصبوا دابة يرمونها بنبل، فقلت لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن هذا، فيقولون لك: اقرأ علينا الآية التي فيها هذا؟» فمر أبو ريحانة على قوم قد نصبوا دجاجة يرمونها، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن هذا، فقالوا: اقرأ علينا الآية التي فيها هذا، فقال أبو ريحانة: صدق الله ورسوله، تأكلونها قمارا حراما وميتة لا تذبح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق