الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

طعام يحيى بن زكريا الي -الذب عن عرض المؤمن


باب طعام يحيى بن زكريا:
1788- أنا مالك بن أنس، عن حميد الأعرج، عن مجاهد قال: كان طعام يحيى بن زكريا عليهما السلام العشب، وإن كان ليبكي من خشية الله ما لو كان القار على عينيه لخرقته دموعه، ولقد كانت الدموع اتخذت مجرى في وجهه.
1789- أنا الليث بن سعد قال: حدثني عقيل بن خالد، عن ابن شهاب قال: جلست يوما إلى أبي إدريس الخولاني وهو يقص فقال: ألا أخبركم بمن كان أطيب الناس طعاما؟ فلما رأى الناس قد نظروا إليه قال: إن يحيى بن زكريا كان أطيب الناس طعاما، إنما كان يأكل مع الوحوش كراهية أن يخالط من معايشهم.


.باب في أيوب النبي صلى الله عليه، وما أصابه من البلاء:
1790- أنا يونس بن يزيد، عن عقيل، عن ابن شهاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوما أيوب النبي وما أصابه من البلاء، وذكر أن البلاء الذي أصابه كان به ثماني عشرة سنة، حتى لم يبق منه إلا عيناه تدوران، ولسانه صحيح يذكر الله تبارك وتعالى به وفؤاده صحيح، وعقله على حاله الأولى، فأما جسده فقد اعترقه البلاء حتى لم يبق شيء إلا أوصاله بعضها إلى بعض، عروقه وعصبه، وكما شاء أن يكون من جلده، مع ذهاب الأهل والمال، وكان كذلك ثمانية عشرة سنة، حتى تفرق عنه إخوانه، ومله الناس، وصابره رجلان كانا من أخص إخوانه وأصحابه، فكان يأتيانه بكرة وعشية فيحدثانه قال: وكانت امرأة أيوب صلى الله عليه تقوم عليه، وكان إذا خرج إلى حاجته فراث عليها اتبعته فتجده مرارا كثيرة ساقطا فترفعه وتحمله حتى تأتي به إلى منزله، فقال أحد صاحبيه للآخر: أما يعجبك شأن أيوب؟ إنه في هذا البلاء منذ ثمانية عشرة سنة، لا يرحمه الله مما به، إني لأظنه قد أذنب ذنبا ما عمل أحد مثله قط، فقال له صاحبه: هو عبد الله ونبيه، وهو أعلم به، فلما كان العشي راحا إليه كما كانا يصنعان فحدثاه وقصرا عنه، ثم أبت نفس الرجل إلا أن يكلمه، فقال: يا نبي الله، لقد أعجبني أمرك، وذكرت إلى أخيك وصاحبك أنه قد ابتلاك بذهاب الأهل والمال، وفي جسدك منذ ثمانية عشرة سنة، حتى بلغت ما ترى، لا يرحمك الله فيكشف عنك، لقد أذنبت ذنبا، ما أظن أن أحدا بلغه، فقال أيوب صلى الله عليه وسلم: ما أدري ما تقولان، غير أن ربي عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتزعمان، فكل يحلف بالله، أو على النفر يتزعمون فأنقلب إلى أهلي فأكفر عن أيمانهم كراهية أن لا يأثم أحدهم ولا يذكره أحد إلا بحق، فنادى ربه، إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، وإنما كان دعاؤه عرضا عرضه على الله تبارك وتعالى، يخبره بالذي بلغ صابرا لما يكون من الله تبارك وتعالى فيه، فخرج لما كان يخرج إليه من حاجته، فأوحى الله إليه، اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب، فاغتسل فأعاد الله لحمه وشعره وبشره على أحسن ما كان يكون، وشرب فأذهب الله ما كان في جوفه من ألم وضعف، فأنزل الله عليه ثوبين من السماء فاتزر بأحدهما، وارتدى بالآخر، ثم أقبل يمشي إلى منزله وراث على امرأته فأقبلت حتى لقيته وهي لا تعرفه، فسلمت عليه وقالت: أي رحمك الله، هل رأيت هذا الرجل المبتلى؟ قال: من هو؟ قالت: نبي الله أيوب صلى الله عليه، أما والله ما رأيت أحدا قط أشبه به منك إذ كان صحيحا، قال: فإني أيوب، وأخذ ضغثا ضربها به- فزعم ابن شهاب أن ذلك الضغث كان ثماما-، ورد الله إليه أهله ومثلهم معهم، فأقبلت سحابة حتى سجلت في أندر قمحه ذهبا حتى امتلأت، وأقبلت سحابة أخرى إلى أندر شعيره وقطانيه فسجلت فيه ورقا حتى امتلأ.


.باب في الصبر والشكر:
1791- أنا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكرا صابرا، ومن لم يكونا فيه، لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا، من نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به، ونظر في دنياه إلى من هو دونه... سنة نبيه فحمد الله على ما فضله به، كتبه الله شاكرا صابرا، ومن نظر في دينه إلى من هو دونه، ونظر في دنياه إلى من هو فوقه فأسف على ما فاته لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا».


.في الحرص على جمع المال والشرف:
1792- أنا زكريا بن أبي زائدة، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، عن ابن كعب بن مالك الأنصاري، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ذئبان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه».


.في التهليل والحمد والاستغفار والاسترجاع:
1793- أنا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: أربع خصال، من كن فيه بنى الله له بيتا في الجنة، من كان عصمة أمره: لا إله إلا الله، وإذا أصابته مصيبة قال: إنا لله، وإذا أعطي شيئا قال: الحمد لله، وإذا أذنب ذنبا قال: أستغفر الله.


.باب في الاستهانة بنعمة الله:
1794- أنا بقية بن الوليد قال: نا أبو سلمة الحمصي، عن يحيى بن جابر الطائي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن امرأة من بني إسرائيل أنجت صبيا لها بكسرة من خبز، ثم جعلتها في جحر، فسلط الله عز وجل عليها الجوع حتى أكلتها».
1795- أنا بقية قال: أنا أبو سلمة الحمصي قال: قال أبو الدرداء: أحسنوا مجاورة نعم الله، لا تملوها، ولا تنفروها، فإنها لقلما نفرت عن قوم فعادت إليهم.


.في التواضع:
1796- أنا عبد الرحمن المسعودي قال: نا عون بن عبد الله، رفعه قال: من كان في صورة حسنة، وفي موضع لا يشينه، ووسع عليه من الرزق، ثم تواضع لله تبارك وتعالى، كان من خالصي الله.


.في تعظيم المنافق:
1797- أنا ابن حوط، عن قتادة، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الرجل للمنافق: سيدا، فقد أهان الله».


.في كراهية مشية المطيطاء:
1798- أنا موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مشت أمتي المطيطاء، وخدمتهم أبناء الملوك أبناء فارس والروم سلط الله شرارها على خيارها».


.باب في التواضع وكراهية الكبر:
1799- أنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله زحر، عن سعد بن مسعود، أن معاذ بن جبل قال: لن يبلغ عبد ذروة الإيمان حتى يكون الضعة أحب إليه من الشرف.
1800- أنا يحيى بن عمرو الشيباني، عن مكحول، عن معاذ بن جبل قال: لا يبلغ عبد ذرى الإيمان حتى يكون التواضع أحب إليه من الشرف، وما قل من الدنيا أحب إليه مما كثر، ويكون من أحب وأبغض في الحق سواء، يحكم للناس كما يحكم لنفسه وأهل بيته.
1801- نا رجل، عن يزيد بن أبي حبيب قال: قال عمر بن الخطاب: لسلمان: يا سلمان، ما أعلم من أمر الجاهلية شيئا إلا وضعه الله عنا بالإسلام، إلا أنا لا ننكح إليكم، ولا ننكحكم، فهلم فلنزوجك ابنة الخطاب قال: أفر والله من الكبر قال: فتفر منه وتحمله علي، لا حاجة لي به.
1802- أنا محمد بن العجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، يساقون إلى سجن جهنم، يقال له: بولس، تعلوهم نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار: طينة الخبال».
1803- أنا عبد الرحمن بن زيد، عن عبد الرحمن، رجل من أهل صنعاء قال: أرسل النجاشي ذات يوم إلى جعفر رحمه الله وأصحابه، فدخلوا عليه، وهو في بيت، عليه خلقان جالس على التراب، قال جعفر: وأشفقنا منه حين رأيناه على تلك الحال، فلما رأى ما في وجوهنا قال: إني أبشركم بما يسركم، إنه جاءني من نحو أرضكم عين لي، فأخبرني أن الله قد نصر نبيه، وأهلك عدوه، وأسر فلانا وفلانا، وقتل فلانا وفلانا، التقوا بواد يقال له بدر كثير الأراك، كأني أنظر إليه، كنت أرعى لسيدي، رجل من بني ضبة إبله، قال جعفر: ما بالك جالسا على التراب؟ ليس تحتك بساط وعليك هذه الأخلاق قال: إنما نجد فيما أنزل الله على عيسى صلى الله عليه وسلم أن حقا على عباد الله أن يحدثوا لله تواضعا عند كل ما أحدث لهم من نعمة، فلما أحدث الله لنا نصر نبيه عليه السلام أحدثت لله هذا التواضع.
1804- أنا عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن عبد الله بن عبيد قال: أتي النبي عليه السلام بطعام، فقالت له عائشة: لو أكلت يا نبي الله، وأنت متكئ كان أهون عليك، فأصغى بجبهته حتى كاد يمس الأرض بها، قال: بل آكل كما يأكل العبد، وأنا جالس كما يجلس العبد، وإنما أنا عبد وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس محتفزا.
1805- أخبرني محمد بن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر، وابن أبي نجيح، ويحيى بن عباد، قالوا: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وقف بذي طوى، وهو معتجر ببرد حبرة، فلما اجتمعت عليه خيوله، ورأى ما أكرمه الله به تواضع لله حتى إن عثنونه لتمس واسطة رحله.
1806- أنا المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فأثر الحصير بجلده، فلما استيقظ جعلت أمسح عنه، وأقول: يا رسول الله، ألا آذنتني قبل أن تنام على هذا الحصير فأبسط لك عليه شيئا يقيك منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما لي وللدنيا، وما للدنيا ولي، ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل في فيء، أو ظل شجرة ثم راح وتركها».
1807- أنا عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أغبط أوليائي عندي مؤمن خفيف الحاذ، ذو حظ من صلاة، أحسن عبادة ربه، وأطاعه في العمر، وكان غامضا في الناس، لا يشار إليه بالأصابع، وكان رزقه كفافا، فصبر على ذلك» ثم نقد بيده، فقال: عجلت منيته، قلت بواكيه، قل تراثه.
1808- وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عرض علي ربي تبارك وتعالى ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا، قلت: لا يا رب، ولكن أشبع يوما، وأجوع يوما، أو قال: ثلاثا، أو نحو ذا، فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك».


.في كراهية البنيان:
1809- أنا جرير بن حازم، عن رجل، عن سعيد بن المسيب قال: قيل: يا رسول الله، لو بنيته يعني المسجد، قال: لا، بل جرائد على أعواد الشأن أعجل من ذلك.
1810- أنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر قال: قالوا: يا رسول الله، هذه، يعنون المسجد، يقولون: طينه، قال: لا، بل عرش كعرش موسى، يعني العريش.


.باب في الرضا بالدون من العيش:
1811- أنا ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، حدثه أن حنشا، حدثه أن أم أيمن غربلت دقيقا لتصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم رغيفا، فمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما هذا؟» فقالت: طعام نصنعه في أرضنا، فأحببت أن أصنع لك رغيفا، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «رديه، ثم اعجنيه».
1812- أنا حيوة بن شريح، عن عمرو بن مالك، أن حميد بن زياد، حدثه، عن يزيد بن قسيط، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بسويق من سويق اللوز، فلما خيض قال: «ما هذا؟ قالوا: سويق قال: أخروه عني، هذا شراب المترفين».


.باب في الذب عن عرض المؤمن:
1813- أنا عبيد الله بن أبي زياد قال: نا شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، أو الصنابحي أو غيرهما قال: دخلت المسجد، فإذا بضعة وثلاثون رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلست معهم ساعة، وكان فيهم رجل حسن الهيئة زميت لا يكاد يحدثهم بشيء حتى يسألوه عنه، لم أعرفه، ثم قمت لحاجة، فأخذتني ندامة، فلما أصبحت غدوت ألتمسهم، فلم أجد أحدا منهم، فمكثت حتى تعالى النهار، وزالت الشمس، فإذا أنا بالرجل الحسن الهيئة، فإذا هو معاذ بن جبل، فقلت: هذا الذي كانوا ينتهون إليه، فعمد إلى سارية فصلى، فقمت إلى جنبه، فصليت ركعتين، ثم جلست، فظن أن بي حاجة، فصلى ثم انصرف، فجلست بينه وبين القبلة مستقبله، فمكثت ساعة لا أسأله عن شيء، ولا يحدثني شيئا، فقلت: ألا تحدثني رحمك الله؟، فوالله إني لأحبك لجلال الله، وأحب حديثك قال: آلله إنك لتحبني لجلال الله، وتحب حديثي؟، فقلت: والله إني لأحبك لجلال الله وأحب حديثك، فقالها ثلاثا، فأخذ بحبوتي حتى مست ركبتي ركبته، ثم قال: أبشر إن كنت صادقا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الذين يتحابون لجلال الله يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله»، فقمت من عنده فرحا بها، فلقيت عبادة بن الصامت، فقلت: إن معاذا حدثني كذا وكذا، أفسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، يروي عن ربه أنه قال: «حقت محبتي للذين يتحابون في، وحقت محبتي للذين يتجالسون في، وحقت محبتي للذين يتباذلون في، وحقت محبتي للذين يتصافون في».
1814- أنا عوف، عن خالد الربعي قال: كنا نحدث أن مما يعجل عقوبته أو قال: لا يؤخر عقوبته: الأمانة تخان، والإحسان يكفر، والرحم تقطع، والبغي على الناس.
1815- أنا عبد المؤمن بن خالد الحنفي، عن أبي نهيك قال: قال عبد الله بن مسعود: ليس حفظ القرآن بحفظ الحروف، ولكن بإقامة حدوده.
1816- أنا عبد الله بن ميسرة، عن إبراهيم بن أبي حرة قال: سمعت خالد بن يزيد بن معاوية، يحدث مجاهدا أن القرآن يقول: إني معك ما تبعتني، فإذا لم تعمل بي اتبعتك حتى آخذك على أسوأ عملك.
1817- أنا ابن عون، عن محمد قال: سألت عبيدة، عن تفسير آية قال: اتق الله، وعليك بالسداد وبالصواب، ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أنزل القرآن.
1818- أنا المعتمر بن سليمان، عن أبي مخزوم النهشلي، عن سيار أبي الحكم قال: قال ابن عمر: إنكم تستفتوننا استفتاء قوم، كأنا لا نسأل عما نفتيكم به.
1819- أنا الجريري، عن أبي العلاء، عن رجل، من بني حنظلة قال: أحسبه من بني مجاشع قال: انطلقنا نؤم البيت، فلما علونا في الأرض، إذا نحن بأخبية مبثوثة، وإذا فيها فسطاط قال: قلت لأصحابي: عليكم بصاحب الفسطاط، فإنه سيد القوم، فانتهينا إليه، فسلمنا، فاطلع علينا من الفسطاط شيخ فقال: من القوم؟ قلنا: من أهل العراق، من أهل البصرة، نؤم البيت العتيق قال: وأنا قد حدثت نفسي بذلك، قال: قال: ولا أرى إلا سأصحبكم، فأتانا بسويق له غليظ، فجعل يطعمنا منه ويسقينا، ثم أمر الغلام بالرحيل.
1820- أنا حرملة بن عمران قال: حدثني عبيد الله بن أبي جعفر، أن ذا القرنين، كان في بعض مسيره، إذ مر بقوم، وقبورهم على أبواب بيوتهم، وإذا ثيابهم لون واحد، ورقاعها واحدة، وإذا هم رجال كلهم، ليس فيهم امرأة، فتوسم رجلا منهم، فقال له: لقد رأيت شيئا ما رأيته في شيء مما سرت فيه، فقال: وما هو؟ قال: كذا وكذا، قال، هيه؟ قال: كذا وكذا، قال: أما هذه القبور التي على أبوابنا فإنا جعلناها موعظة لقلوبنا، تخطر على قلب رجل الدنيا، فيخرج فيرى القبور، فيرجع إلى نفسه، فيقول: إلى هذا المصير، وإليها صار من كان قبلك، وأما هذه الثياب، فإنه لا يكاد رجل يلبس ثيابا أحسن من ثياب صاحبه، إلا رأى له به فضلا على جليسه، وأما ما قلت: إنكم رجال ليس معكم نساء، فلعمري، لقد خلقنا من ذكر وأنثى، ولكن هذا القلب لا نشغله بشيء إلا اشتغل به، قد جعلنا نساءنا وذرارينا في قرية قريبة منا، فإذا أراد الرجل من أهله ما يريد الرجل من أهله، أتاها فبات معها الليلة والليلتين، ثم يرجع إلى ما هاهنا، إنما خلونا هاهنا للعبادة، قال: ما جئت لأعظكم بشيء أفضل مما وعظتم به أنفسكم، سلني ما شئت قال: ومن أنت؟ قال: ذو القرنين قال: ما أسألك، ولا تملك لي شيئا، فذر، قال: وكيف؟ وقد أعطاني الله من كل شيء سببا قال: لا تقدر على أن تأتيني بما لم يقدر لي، ولا تصرف عني ما قدر لي.
1821- أنا رشدين بن سعد قال: حدثني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، أنه بلغه أن ذا القرنين، في بعض مسيره دخل مدينة، فاستكف عليه أهلها، ينظرون إلى مركبه من الرجال، والنساء، والصبيان، وعند بابها شيخ على عمل له، فمر به ذو القرنين فلم يلتفت الشيخ إليه، فعجب ذو القرنين، فأرسل إليه، فقال: ما شأنك؟ استكف لي الناس ونظروا إلى مركبي، فقال: فما بالك أنت؟ قال: لم يعجبني ما أنت فيه، إني رأيت ملكا مات في يوم هو ومسكين، ولموتانا موضع يجعلون فيه، فأدخلا جميعا، فاطلعتهما بعد أيام، وقد تغيرت أكفانهما، ثم اطلعتهما وقد تزايل لحومهما، ثم رأيتهما تقلصت العظام واختلطت، فما أعرف الملك من المسكين، فما يعجبني ملكك؟ قال: ما كسبك؟ قال: في يدي عمل، أكسب كل يوم ثلاثة دراهم، فدرهم أقضيه، ودرهم آكله، ودرهم أسلفه، فأما الدرهم الذي أقضي فأنفقه على أبوي، كما كانا ينفقان علي وأنا صغير حتى بلغت، فأنا أقضيهما قال: أنت، فلما خرج استخلفه على المدينة.
1822- أنا سفيان، عن أبي سنان الشيباني قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: كان لسليمان ستمائة ألف كرسي، وقال غيره: كانت الريح ترفعه، والريح تظله، يليه الإنس، ثم الجن، فتغدو به شهرا، وتروح به شهرا، فتمر بالسنبلة فلا تحركها، فمر برجل فتعجب منه، فقال له سليمان: تسبيحة واحدة خير مما أنا فيه.
1823- أنا سفيان، عن زياد أبي عثمان، مولى مصعب، عن الحسن قال: ما أنعم الله على عبد نعمة إلا عليه تبعة، إلا سليمان بن داود فإن الله قال: {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب}.
1824- أنا سليمان بن المغيرة قال: سمعت الجريري، يحدث، عن أبي نضرة، عن أسير بن جابر قال: كنا نجلس بالكوفة إلى محدث لنا، فإذا تفرق الناس بقي رجال، فيهم رجل لا أسمع أحدا يتكلم كلامه، قال: فأحببته ووقع حبه في قلبي، قال: فبينا كذلك إذ فقدته، فقلت لأصحابي: ذلك الرجل كذا وكذا، الذي كان يجالسنا، هل يعرفه أحد منكم؟ فقال رجل: نعم، ذلك أويس القرني، قلت: هل تهدي إلى منزله؟ قال: نعم، فانطلقت معه، حتى ضربت عليه حجرته قال: فخرج، فقلت له: يا أخي، ما منعك أن تأتينا؟ قال: العري، لم يكن لي شيء آتيكم فيه قال: وعلي برد، فقلت له: البس هذا البرد، فقال: لا تفعل، فإني، إن لبست هذا البرد استهزأ بي الناس وآذوني، فلم أزل به حتى لبسه، وخرج عليهم، فقالوا: من خادع عن برده هذا؟ فجاء فوضعه قال: فأتيتهم، فقلت: ما تريدون إلى هذا الرجل؟ قد آذيتموه، الرجل يكتسي مرة، ويعرى مرة قال: وأخذتهم بلساني أخذا شديدا قال: وثم رجل من أصحابه، فهو الذي يسخر به، فوفد أهل الكوفة إلى عمر، ووفد ذلك الرجل فيهم، فقال عمر: أههنا أحد من القرنيين، فجاء ذلك الرجل، فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: «إنه يقدم عليكم رجل من أهل اليمن يقال له أويس، لا يدع باليمن غير أم له، قد كان به بياض فدعا الله فأذهبه عنه إلا موضع الدينار، أو قال: مثل موضع الدرهم، فمن لقيه منكم، فمروه فليستغفر لكم» قال: فقدم علينا ههنا، فقلت: من أنت؟ قال: أنا أويس قال: من تركت باليمن؟ قال: أما لي، فقلت: هل كان بك بياض؟ فدعوت الله فأذهبه عنك، إلا مثل موضع الدينار، أو مثل موضع الدرهم؟ قال: نعم، قلت: استغفر لي قال: يا أمير المؤمنين، أيستغفر مثلي لمثلك؟ قال: فاستغفر له، قال: فقلت: أنت أخي فلا تفارقني قال: فانملس مني، فأنبئت أنه قدم عليكم الكوفة قال: فجعل يحقره عما يقول فيه عمر، فجعل يقول: ما ذلك فينا، ولا نعرف هذا؟ قال عمر: بلى، إنه رجل كذا، جعل أي يصف من أمره، فقال ذلك الرجل: عندنا رجل يسخر به، يقال له أويس، قال له: أدرك قال: وما أراك تدرك، فأقبل الرجل حتى دخل عليه، قبل أن يأتي أهله، فقال أويس: ما كانت هذه عادتك، فما بالك؟ قال: أنشدك الله لقيني عمر فقال: كذا وكذا، فاستغفر لي قال: لا أستغفر لك حتى تجعل عليك أنك لا تسخر بي، ولا تذكر ما سمعت من عمر إلى أحد، قال: لك ذلك، فاستغفر له، قال أسير: فما لبثنا حتى فشا حديثه في الكوفة قال: فأتيته، فقلت: يا أخي، ألا أراك أنت العجب وكنا لا نشعر به قال: ما كان في هذا ما أتبلغ فيه إلى الناس، وما يجزى كل عبد إلا بعمله، قال: فلما فشا الحديث قال: هرب فذهب.
1825- أنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن مطرف قال: ما سمعت أحدا يمدحني إلا تصاغرت إلي نفسي، أو قال: مقت نفسي قال: فذكرت ذلك ليزيد بن مسلم قال: ما من الناس أحد يسمع هذا إلا سينزو به الشيطان، ولكن المؤمن يراجع.
1826- أنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت قال: قيل: يا رسول الله، من أهل الجنة؟ قال: «من لا يموت حتى يملأ سمعه مما يحب» قال: قيل يا رسول الله، من أهل النار؟ قال: «من لا يموت حتى يملأ سمعه مما يكره».
1827- أنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، قال: كان أبو مسلم الخولاني يقول: ما عملت عملا منذ كذا وكذا سنة، أبالي من يراه من الناس إلا حاجة الرجل إلى أهله، أو حاجته من الخلاء.
1828- أنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، فيما نعلم قال: كان صلة صنع مسجدا بالجبان، فكان ينطلق فيصلي فيه، ثم يرجع فيمر على مجلس، فأتاهم فسلم عليهم، فقال: ألا تحدثوني عن قوم أتوا أرضا، فجعلوا ينامون الليل، ويجورون النهار، فمتى يبلغون؟ قالوا: لا متى، فقال: السلام عليكم، وتركهم، فقال رجل من القوم: ألا تدرون من يعني؟ ما عنى غيركم قال: فأقبل إقبالا حسنا وترك مجلسهم.
1829- أنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت قال: كان رجال من بني عدي قد أدركت بعضهم، إن كان أحدهم ليصلي ما يأتي فراشه إلا حبوا.
1830- أنا سليمان، عن ثابت قال: أتينا أخا لنا مريضا نعوده، فتحدث القوم بينهم أن الإنسان إذا يمرض يرفع له ما كان يعمل، وهو صحيح قال مسلم: ليس هكذا كنا نسمع، ولكن يرفع له أحسن ما كان يعمل وأنا صاحب لنا، عن مسلم بن يسار أن أهل الشام لما دخلوا، وهزموا أهل البصرة زمن ابن الأشعث فصوت أهل دار مسلم بن يسار، فقالت له أم ولده: أما سمعت الصوت؟ قال: ما سمعته قال سليمان: كان مسلم بن يسار إذا رئي يصلي كأنه ثوب ملقى، أي لا يتحرك منه شيء قال سليمان، وقال يونس بن عبيد: ما أعلم شيئا اليوم أقل من درهم طيب ينفقه صاحبه في حق، أو أخ يسكن إليه في الإسلام قال: ما يزدادان إلا قلة.
1831- وعن ثابت قال: جاء رجل إلى الصفة، فقال: ألا تحدثوني عن شيء أسألكم عنه؟ أتيت على رجل أعتق أربعة محررين قال: فرآه رجل فقال: يا رب، ليس عندي ما أعتق، ولكن: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فأي العملين أفضل فيما ترون؟ فما عدلوا وما ميلوا أن من قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أفضل مما صنع ذلك الرجل.
1832- قال سليمان، ونا صاحب لنا، عن ابن زيد قال: سمعت عمر بن عبد العزيز، وهو يخطب يقول: ألا إن أفضل العمل أداء الفرائض، وإمساك عن المحارم.
1833- أنا سليمان قال: سمعت ابن عون يقول: ما رأيت رجلا أعظم رجاء لهذه الأمة، ولا أشد على نفسه من محمد، يعني ابن سيرين.
1834- أنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن سعد، عن زيد بن أرقم قال: اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، واحسب نفسك مع الموتى، واجتنب دعوة المظلوم فإنها مستجابة.
1835- أنا ابن أبي ذئب، عن مسلم بن جندب، أن الحارث بن عمرو الهذلي أخبره أنهم كانوا جلوسا عند عبد الله بن مسعود فجاءه... فقال:... إن بهذا لسفعة من الشيطان قال: فتحدثنا ثم... إليه ذلك الرجل، فقال: ألم أسمع ما قلت؟ فقال له عبد الله... هاهنا أحد خيرا منك؟ قال: لا، عسى أن يكون خيرا منك أو كلمة نحو هذه.
1836- أنا حماد بن زيد قال: حدثني رجل، أن الصلت دخل على ابن سيرين وعليه ثياب من صوف، فنظر إليه محمد نظرا تكرهه ثم قال:... إن ناسا يلبسون الصوف يقولون: إن عيسى كان يلبس الصوف، وقد... لا أتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس القطن، والكتان، واليمنة فسنة نبينا، أو قال: نبي الله أحق أن يتبع.
1837- أنا أبو عوانة، عن يعلى بن عطاء، عن معبد بن هرمز، عن سعيد بن المسيب، أنه حضر رجلا من الأنصار الموت، فقال: من في البيت؟ قالوا: أهلك وإخوانك وجلساؤك في المسجد، فقال: أقعدوني، فأسنده ابنه إلى صدره، وفتح عينيه فسلم على القوم فردوا عليه، وقالوا له خيرا، فقال: أما إني محدثكم اليوم حديثا ما حدثت به أحدا منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم احتسابا، وما أحدثكموه اليوم إلا احتسابا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من توضأ في بيته فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد يصلي في جماعة المسلمين، لم يرفع رجله اليمنى إلا كتب الله بها حسنة، ولم يضع رجله اليسرى إلا حط الله بها خطيئة، حتى يأتي المسجد، فليقرب أو ليبعد، فإذا صلى بصلاة الإمام انصرف وقد غفر له، فإن هو أدرك بعضا وفاته بعض، فإن ما فاته كان كذلك، فإن هو أدرك الصلاة، فأتم الصلاة ركوعها وسجودها كان كذلك» أنا جرير بن حازم عن...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق